ارتبط تاريخ جامعة فلسطين التقنيّة -خضوري، بالتطوّرات التاريخيّة التي رافقت القضيّة الفلسطينيّة، وتأثرت بشكل مُباشر بصبغة حاكميها ومحتليها زمن الانتداب البريطاني والأردن، والاحتلال الإسرائيلي، وصولًا لمشروع إقامة السُلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، وانتهاء بعضويّة فلسطين بالأُمم المتحدة.
وفي أواخر العهد العثماني الذي انتهى باحتلال المملكة المتحدة لفلسطين التي كانت تضم إليها الصحراء الشرقيّة “الأردن حاليّاً”، وسعي حكومة الانتداب البريطانيّة إلى توطين اليهود في فلسطين وتنفيذ وعد بلفور، أدرك المُجتمع الفلسطيني الريفي برُمته، حجم الحاجة الماسّة لإحداث التغيير النوعي والهام لتعليم أبنائهم، وذلك لعدّة ضرورات كان من أهمّها الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة والقوميّة في زمن ظهور القوميّات، واعتبار التعليم حاجة مُلحّة للتخلّص من حالة الجهل والتلبُد التي سعى إلى تكريسها قانون المعارف البريطاني بحق أهل فلسطين، الأمر الذي دفع المجتمع الفلسطيني برُمته إلى الاندفاع نحو تقديم كافّة الإمكانات التي تلبي تطلعاتهم، والتي كان من أبرزها تبرع أهالي طولكرم بما يزيد عن (600) دُونم من خيرة أراضيهم، بُغية إنشاء مدرسة زراعيّة واستثمار منحة إنشاء المدرسة بقيمة (140) جنيه فلسطينيًا بتبرع من الثري “أليس إيلي خضوري” لنشر التعليم في فلسطين، وهو ثري بريطاني عاش في هونغ كونغ، وهو ما نتج عنه إنشاء مدرسة خضوري الثانويّة الزراعيّة عام 1930م، بإشراف دائرة الزراعة والغابات في فلسطين بالتعاون مع دائرة المعارف الفلسطينيّة، تمخض عنه بناء مدرسة من طابقين للتدريس النظري والقسم الداخلي والمطبخ وقاعات الطعام ومكتبة، وقُسّمت باقي الأراضي إلى أقسام للتدريب العملي؛ لتوسعة المدرسة في العام 1934م.
وفي كانون الثّاني"يناير" من عام 1931م بُوشر التدريس فيها، وكان يقبل فيها الطلبة الذين أتموا دراسة الصف الثاني الثانوي، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات. وكان طلابها داخليين يدفع الواحد منهم (12) جنيهًا فلسطينيًا في السنة للتعليم والإقامة في القسم الداخلي. والمدرسة تتسع لستين طالبًا.
واستولت السلطة العسكريّة البريطانيّة عليها أثناء الثورة العربيّة الكبرى (1936-1939)م إبان الحرب العالميّة الثانيّة. وبقي بعض أجزاء مزرعتها البالغة (600) دُونم تحت سلطة الانتداب البريطانيّة إلى عام 1946م. وفي عام 1948م اغتصب اليهود من هذه المساحة الواقعة إلى الغرب من خط سكّة الحديد والتي تقدر مساحتها بـ (200) دُونم .
وبعد انتهاء الانتداب البريطاني عام 1948م، ووقوع نكبة الشعب الفلسطيني على أراضيه التاريخيّة، وما صاحبها من قرارات الجمعيّة العامّة التابعة لهيئة الأمم المُتحدة خاصّة قرار التقسيم رقم (181)، الذي أُصدر بتاريخ 29/11/1947م، والذي أوصى بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربيّة وأخرى يهوديّة، أُلحقت إدارة المدرسة كعُموم الأراضي الفلسطينيّة التي لم تخضع لاحتلال العصابات الصهيونيّة عام 1948م تحت الوصاية العربيّة الأردنيّة، حيث أُتبعت إلى وزارة التربية والتعليم الأردنيّة، وفي العام 1961م تم رفع مستوى مدرسة خضوري الزراعيّة إلى كليّة زراعيّة متوسطة وأصبح اسمها "كليّة الحُسين الزراعيّة" وكانت مُدّة الدراسة فيها سنتين.
في بداية العام 1965م تم تأسيس قسم لإعداد معلمي العلوم والرياضيّات من حملة شهادة الثانويّة العامّة الفرع العلمي، ومدة الدراسة كانت سنتين وأصبح اسمها "معهد الحُسين الزّراعي".
وبعد احتلال إسرائيل لباقي أراضي فلسطين فيما اصطلح عليه "بالنكسة" في عام 1968م تم تغيير اسمها من "كليّة الحُسين الزراعيّة" إلى "المعهد الزراعي- طولكرم".
وفي بداية العام 1982م تمت إضافة تخصّصات جديدة لإعداد مُعلمين في تخصّصات العلوم الإنسانيّة، بحيث أصبحت مدة الدراسة فيها سنتين بعد النجاح في الثانويّة العامّة، وقد تم تحويل اسمها من المعهد الزراعي إلى كليّة مُجتمع متوسطة- كليّة طولكرم.
وفي العام 1994م انتقلت مسؤوليّة الكليّة إلى السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة وأُلحقت بوزارة التربية والتعليم العالي، حيث أُجريت تغييرات جذريّة على تخصّصاتها وبرامجها وأصبح اسمها "كليّة فلسطين التقنيّة - طولكرم "خضوري"، وفي العام 1999م بدأت الكليّة بمنح درجة البكالوريوس في تخصّصين هما: التربية الرياضيّة والهندسة الكهربائيّة.
ومع بدء انتفاضة الأقصى 28/9/2000م واجهت "كليّة فلسطين التقنيّة- طولكرم "خضوري"، أبشع الانتهاكات والاعتداءات بحق المؤسّسة ومقدراتها البشريّة والماديّة، والذي لا يزال مستمرّاً بمُصادرة وسرقة ما يزيد عن (23) دُونماً من أراضي الجامعة، لصالح مُعسكرات الإرهاب والتدريب.
وفي العام 2004م تم إضافة تخصّص جديد يمنح درجة البكالوريوس في التربية التكنولوجيّة، وبتاريخ 28/8/2007م تم تحويلها إلى جامعة تقنيّة (جامعة فلسطين التقنيّة- خضوري) تمنح درجة البكالوريوس في عدد من التخصّصات وهي البكالوريوس التقني: الهندسة الكهربائيّة، والتربية الرياضيّة، والتربية التكنولوجيّة، وهندسة الأتمتة الصناعيّة والعلوم الماليّة والمصرفيّة المُحوسب.
وبتاريخ 26/7/2008م صدر مرسوم رئاسي بتعيين الأستاذ الدكتور داوود الزعتري– أول رئيس لجامعة فلسطين التقنيّة "خضوري"، والعمل على النهوض بهذا الصرح الأكاديمي العريق والوصول به إلى مصاف أفضل الجامعات المحليّة والإقليميّة والدوليّة.
ومنذ ذلك التاريخ عملت الإدارة على وضع النظام الأساسي للجامعة، وإنجاز الهيكل التنظيمي والكادر الأكاديمي والإداري والفنّي، وتم وضع خطة تطويريّة على مرحلتين: الأولى خمسيّة والأخرى عشريّة يتم من خلالها بناء كليّات جديدة وفتح تخصّصات فريدة وتكميليّة لباقي التخصّصات المتوافرة في باقي الجامعات الفلسطينيّة؛ تلبية لحاجة سوق العمل الفلسطيني المحلّي والإقليمي العربي والدولي أيضًا. وتهدف الخطة التطويرية إلى الرقي بمستوى التعليم العالي التقني والتكنولوجي في الجامعة وجودته من خلال استقطاب الكوادر المؤهلة وذوي الخبرات المميّزة وتوفير كافّة التجهيزات الحديثة اللازمة لكافّة مرافق الجامعة.
وفي عام 2009م تم فتح تخصّصات جديدة مثل: هندسة الاتصالات، وهندسة الحاسوب، وهندسة الميكاترونكس، والرياضيّات التطبيقيّة والإدارة الصناعيّة.
وفي عام 2013م تمكنت إدارة الجامعة في عهد رئيسها الثاني الأستاذ الدكتور مروان العورتاني من تكريس منهج "الريادية والابتكار والتمييز" عبر توسيع برامج الجامعة الأكاديميّة والبحثيّة القائمة، واستقطاب الكوادر والطاقات العلميّة الفلسطينيّة والعربيّة وترسيخ قاعدة التبادل المعرفي والعلمي مع عشرات الجامعات الدوليّة، واسترداد ما يقرب من (140) دُونماً من أراضي الجامعة كانت بحوزة العديد من المؤسّسات الرسميّة.
وفي سياق جهود الجامعة لاحداث نقلة نوعيّة، شارفت الجامعة على إتمام عملية تصويب واستكمال خطوات الإصلاح التشريعي للوضع القائم عبر إقرار قانون إداري ومالي خاصّ بالجامعة، بالإضافة إلى التقدم للجهات الرسميّة لاعتماد المجلس الاستشاري وتنصيبه.
وفي مطلع عام 2019م بعد تولي رئيس الجامعة أ.د.نور الدين أبو الرُب رئاستها، شهدت الجامعة نهضة عمرانيّة وإنجازات نوعيّة في المجالات الأكاديميّة كان أبرزها إنجاز مبنى الهندسة، مبنى التعليم المُستمر، ساحات الجامعة الخارجيّة، ملعب كرة القدم والمضمار الرّياضي بمُواصفات الفيفا، والمضي قُدُمًا في تنفيذ مشروع مجمّع الخدمات الطلابيّة بمساحة تسعة آلاف متر مربع، ومبنى كليّة فلسطين التقنيّة "الدبلوم" بمساحة ثمانية آلاف متر مربع، ويتم حاليّاً التحضير للبدء في تنفيذ مشروع المسبح بمساحة 2000 م2، ومشروع مركز اللّغات. كما تم في عهده رفع توصية من مجلس الوزراء إلى سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، بتنصيب أول مجلس أُمناء في تاريخ جامعة خضوري، والذي تمّ تشكيله بمرسوم رئاسي في العام 2020م.